قصة سيبيليس ونبتون: كيف اختارت جماهير مدريد نوافير احتفالاتها

اليوم لا يشك أحد في أن نافورة سيبيليس هي مرادف للمدريدية. أصبحت صور سيرخيو راموس، راؤول أو إيكر كاسياس وهم يقدمون الكؤوس للإلهة جزءًا من المخيلة الجماعية لكرة القدم الإسبانية. وبالمثل، فإن نبتون هو أرض الروخيبلانكوس، مكان الاحتفال بإنجازات أتلتيكو مدريد.

لكن الأمر لم يكن هكذا دائمًا. كان هناك وقت كانت فيه جماهير الفريقين تتقاسم ساحة سيبيليس، في مدريد عاشقة كرة القدم حيث لم تكن التقاليد قد نُقشت بعد على الحجر.

تاريخ توزيع هذه النوافير هو من تلك الطرائف التي ترسم هوية الأندية خارج حدود الملعب. لفهم ذلك، يجب أن نعود عدة عقود إلى الوراء، حين لم يكن أتلتيكو مدريد يحتفل في سيبيليس فحسب، بل كان أول من قام بذلك.

اليوبيل الذهبي ونافورة الإلهة

في عام 1953، احتفل أتلتيكو مدريد بمرور 50 عامًا على تأسيسه. ولإحياء ذكرى اليوبيل الذهبي، تم تصميم كأس يحمل تمثالاً مميزًا للغاية، وهو تمثال الإلهة سيبيليس. تظهر في القطعة أربعة شباب يرفعون صينية عليها شعار الفريق الأحمر والأبيض، وتتوسطهم الإلهة، كرمز للعظمة.

كان ذلك تكريمًا رمزيًا لكنه كان كاشفًا للغاية، إذ كانت ساحة سيبيليس بالفعل مكانًا مرتبطًا عاطفيًا بنادي أتلتيكو مدريد. لم يكن أحد يتخيل حينها أن تلك الإلهة نفسها ستصبح في نهاية المطاف مركز احتفالات جماهير ريال مدريد.

إذا لم تستطع الجماهير الذهاب إلى سيبيليس، فإن سيبيليس ستذهب إلى الجماهير.

في الخامس من سبتمبر عام 1962، توج أتلتيكو مدريد بلقب كأس الكؤوس الأوروبية، بعد فوزه على فيورنتينا. كان ذلك انتصارًا تاريخيًا، إذ كان أول لقب قاري يحققه النادي. في تلك الليلة، تجمع مشجعو الروخيبلانكوس بشكل عفوي في ساحة سيبيليس للاحتفال بهذا الإنجاز.

كان اختيار المكان منطقيًا، إذ كان مقر النادي يقع في شارع باركيلو، على بعد أمتار قليلة من النافورة. لم تكن التجمعات مخططة، لكنها أطلقت تقليدًا جديدًا.

وصول ريال مدريد

مع مرور السنوات، بدأ ريال مدريد أيضًا في الاحتفال بألقابه في ساحة سيبيليس. كان للمكان وزن رمزي، ورؤية واضحة، وسهولة في الوصول إليه من ملعب سانتياغو برنابيو. شيئًا فشيئًا، أصبحت النافورة نقطة تجمع لجماهير الميرينغي، خاصة مع تزايد انتصاراتهم خلال ثمانينيات القرن الماضي.

لحظة حاسمة كانت في كأس العالم بالمكسيك 1986. إذ اكتسح المنتخب الإسباني نظيره الدنماركي بنتيجة 5-1، وسجل إميليو بوتراغينيو، أسطورة ريال مدريد، ثلاثة أهداف “هاتريك”. خرج الآلاف إلى الشوارع، وامتلأت ساحة سيبيليس بالمشجعين وهم يهتفون: “بوتراغينيو إلى مونكلوا!”.

على الرغم من أنها لم تكن احتفالًا خاصًا بالنادي، إلا أن الأجواء والهتافات كانت تحمل طابع ريال مدريد الواضح.

بيدجا ميياتوفيتش عند أقدام سيبيليس.

ذلك اللحظة شكلت نقطة تحول فاصلة. في السنوات التالية، فاز ريال مدريد بخمس بطولات دوري متتالية، جميعها احتُفل بها في ساحة سيبيليس. ترسخت العلاقة بين النادي الملكي والنافورة، وبدأت الإلهة “تتزين” باللون الأبيض في كل مرة يرفع فيها الفريق لقبًا.

أتلتيكو يبحث عن منزل جديد

في عام 1991، فاز أتلتيكو مدريد بكأس ملك إسبانيا أمام ريال مايوركا، في ملعب سانتياغو برنابيو. وبحكم العادة، كان من المفترض أن تمر الاحتفالات عبر شارع لا كاستيانا وتنتهي عند ساحة سيبيليس. لكن في تلك المرة حدث أمر مختلف.

ربما بسبب الارتباط المتزايد بين سيبيليس ونادي ريال مدريد، وربما بسبب رغبة جماهير الروخيبلانكوس في إيجاد مساحة خاصة بهم، قرر مشجعو أتلتيكو مدريد مواصلة السير لمسافة نصف كيلومتر إضافية، حتى وصلوا إلى نافورة نبتون.

هناك، أمام إله البحر، احتفل لاعبو أتلتيكو مدريد بلقبهم. منذ ذلك الحين، أصبح نبتون أرض الروخيبلانكوس. المسافة الرمزية بين النافورتين، التي لا تستغرق سوى بضع دقائق سيرًا على الأقدام، أصبحت منذ ذلك الحين ترسم فاصلًا واضحًا بين مشجعي مدريد.

المصدر: ماركا

Exit mobile version